رواية الهروب للكاتبة زينب محروس الفصل الأول

 

رواية الهروب

 للكاتبة زينب محروس 

الفصل الأول

 

 

 لميس و مراد

 

 

 

 


في نص الليل كانت بتجري في الشارع، لابسة فستان أبيض كب، واصل لأول ركبتها و الدم ملطخ فستانها، كانت بتجري حافية و هي بتعيط مش عارفة هي رايحة علي فين، بس كل اللي شاغلها إنها تبعد عنه قبل ما يلحق يئذيها، و بالرغم من إنها من عيلة كبيرة و معروفة إلا إن ملهاش مكان تروحه و خصوصاً بعد ما باعوها بأرخص سعر، و هي الطفلة اللي لسه مكملتش ١٨ سنة، كانت الشوارع ضلمة و مفيش حد تطلب مساعدته، أخيرًا و بعد ما تعبت من الجري و مبقتش قادرة تلقط نفسها، قعدت في جنب ع الطريق و هي بتعيط و بتشهق بصوت عالي، ضمت رجلها لصدرها و سندت على الشجرة اللي وراها و هي بتحضن نفسها بدراعتها، و كل عربية كانت بتعدي من الشارع كان قلبها بيدق جامد خوفًا من إنه يكون عرف مكانها و يرجعها معاه تاني، هزت براسها جامد و هي بتعترض ع أفكارها المرعبة و رجعت وقفت علي رجلها تاني و قررت تبعد اكتر، مش مهم الوجع اللي حاسة بيه، مش مهم خوفها من الضلمة اللي منتشرة في أغلبية الشوارع المهم تهرب منهم أو منه هو بالتحديد.

بدأت تجري من تاني بس بضعف، متعرفش مر وقت قد ايه و هي بتجري و لا حتي عارفة هي وصلت لفين  و أخيرًا لقت البوابة الخارجية للڤيلا الوحيدة اللي في الشارع، مفتوحة علي مصراعيها و قفت قدام البوابة  و هي بتفكر تدخل و لا لاء، إحساس قوي جواها بيقولها ادخلي و كأن البوابة المفتوحة دي هي الدنيا و فاتحالها دراعتها، فمكنش منها غير إنها مشيت ورا إحساسها و اتحركت تجاه الڤيلا و هي بتدور بعيونها علي حد من سكانها تطلب منه يساعدها، بس مكنش في حد و كأن المكان مهجور، حتى مكنش في حارس ع البوابة، و مع ذلك نور الڤيلا كان شغال و دا معناه إن فيها سكان، دخلت لمبني الڤيلا من جوا و هي بتتأمل تصميمها الهادي، ندهت بصوتها اللي بيرتعش علي حد يساعدها لكن محدش بيرد، فقررت تطلع للدور التاني للڤيلا، و بالفعل حطت رجلها علي اول سلمة و هي بترفعها بتعب جامد.






وصلت للدور التاني و اللي كان كله عبارة عن اوض جنب بعضها و كلهم مقفولين إلا باب واحد و اللي هي أول أوضة، اتحركت لداخل الأوضة و هي بتنده بضعف:
- في حد هنا؟؟

كررت السؤال اكتر من مرة بس مفيش رد، و هي مهتمتش قربت و قعدت ع السرير و هي بتمسح دموعها و بتاخد نفسها، اتعدلت ع السرير ب أرضية رجلها اللي كلها ترابة و فستانها و الدم اللي نازل علي ساقيها.

دخل اوضته أخيرًا بعد ساعة من ممارسة رياضته المفضلة و هي الجري لمدة ساعة كل يوم الساعة واحدة بالليل، خلع الچاكت الخاص بالرياضة و حدفه ع الأريكة اللي جنب السرير بإهمال و دخل ياخد شاور و مش واخد باله من اللي نايمة و اللحاف مغطيها تمامًا و مش ظاهر منها أي حاجة.

خرج من الحمام و هو لابس تي شيرت أبيض قطن و بنطلون مطابق للتيشيرت، قفل نور الأوضة و اتحرك للسرير علي طول و نام ع الطرف التاني و مازال مش حاسس باللي نايمة جنبه و كأنها متبنجة و مش حاسة بحركته هي كمان.

تاني يوم الصبح اول ما الساعة جت سبعة رن المنبه بصوت عالي، و اول ما فتح عيونه سمع صوت حاجة بتتكسر و صوت المنبه اختفى مرة واحدة، فقام مفزوع زي اللي لدغته حية و وجه نظره علي اتجاه الصوت فكانت الصدمة لما شاف المنبه مكسورة و أجزائه متوزعة بالقرب من باب الأوضة، و قبل ما يستوعب المنبه اتكسر ازاي، وصل لسمعه صوت انثوي بتقول بتذمر:
- عايزة انام.

بص تلقائياً للي نايمة جنبه و شعرها الغجري مفروش ع المخدة، فقام بسرعة من ع السرير و هو بيسألها بصوت عالي:

- انتي مين؟ و مين اللي جابك هنا؟؟ و أمتي و ازاي؟؟

ملقاش منها رد غير إنها نفخت بضيق و هي بتشد اللحاف  و بتتعدل علي جنبها، ف استغرب جدًا إن صوته العالي مفوقهاش، اتحرك للجهة التانية للسرير و قرب منها مع احتفاظه بمسافة مناسبة و قال بصوت مسموع:
- انتي يا أستاذة..... يا أستاذة قومي انتي مش نايمة في بيتكم!

فتحت عيونها العسلي و هي بتبصله بصمت، و هو مستنيها تتكلم فكرر سؤاله تاني:

- انت مين؟ و جيتي هنا ازاي؟؟

ردت عليه بهدوء:
- جيت فين؟






رد عليها بضيق خفيف:
- هنا في اوضتي و علي سريري!

عقدت ما بين حواجبها باستغراب و سألته:
- انت مين؟؟

ابتسم بسخرية و هو بيقول:
-  و الله؟! انا اللي مين؟ المفروض إن أنا صاحب البيت ده و أنا اللي أسألك مش انتي!

رمشت بعيونها اكتر من مرة و هي بترفع اللحاف و بتقوم من مكانها و بتقول:
- مش فاكرة حاجة...
رجع لورا خطوتين لما هي وقفت قدامه و قبل ما يتكلم لمح الدم اللي ع الفستان و علي رجلها، فبصلها بذهول و عيونه وسعت و بعدين سألها بتردد:

- الدم ده من ايه؟؟

بصت لفستانها و بعدين رجعت بصتله و قالت:
- مش عارفة، بقولك مش فاكرة.

ضيق عيونه و بصلها بشك:
- لاء فاكرة، و بتخبي حاجة.

رفعت حاجبها و قالت بنبرة حادة:
- و أنا هكدب ليه؟ و بعدين المفروض أنا اللي أسألك الدم ده من ايه!

رد عليها بتهكم: لا و الله! و دا بأمرة ايه بقى؟ و لا هو الدم علي هدومي و لا هدومك؟!

- هو الدم علي هدومي، بس انا مش فاكرة حاجة و انت بتقول إن ده بيتك و دي اوضتك و دا سريرك يبقي انت اللي تجاوب و تقولي انا مين و بعمل هنا ايه.

سكتت لثواني و رجعت كملت بترقب:
- و تقولي الدم دا من ايه ؟؟

ابتسم بسخرية و هو بيضرب كف علي كف قبل ما يقول:
- لاء دا انتي شكلك هبلة بقى!

كانت علي وشك إنها ترد عليه، لكن منعها صوت الراجل السبعيني اللي واقف ع الباب و قال بحدة:

- مين دي يا ولد يا مصطفى و بتعمل ايه هنا؟؟ و مال حالها متبهدل كدا؟؟؟

البنت خافت لما شافته لهجته و نظراته الحادة كانت كفيلة عشان ترعبها، فمسكت في دراع مصطفى و هي بتتخبى من نظرات الراجل وراه، فرد مصطفى بسرعة:

- و الله يا جدي انا معرفهاش و لا اعرف وصلت لاوضتي ازاي؟! انا لسه كنت بسألها قبل ما انت تدخل.

رد الجد بشك:
- و لما متعرفهاش، مستخبية فيك كدا ليه؟؟

بصلها مصطفى بضيق و هو بيبعد أيدها عنه و قال:

- يا أستاذة ابعدي عني، هو شاكك فينا أصلًا.

بصتله هي ببراءة و اتكلمت و هي بتتعلق بدراعه:

- و يشك ليه؟ مش احنا فعلاً نعرف بعض و انت اللي جايبني معاك هنا؟ و مش قولت هتكلم جدك في موضوعنا النهاردة ؟!!







بصلها بصدمة و هو بيشاور علي نفسه:
- انا قولت كدا؟ هو انا اعرفك أصلا؟؟!!

حركت رأسها بتأكيد و هي بتبتسم و قالت:
- ايوه، مالك يا حبيبي!!

ردد وراها بسخرية:
- حبيبك؟!!
حركت راسها مرة تانية فهو كمل بغيظ:
- لاء دا انتي فعلا هبلة!!

بصلهم الجد بحزم و زعق:
- بس انتوا الاتنين، لازم تصلحوا الغلطة اللي عملتوها دي، تعال معايا يا مصطفى و انتي غيري لبسك ده و نضفي الدم  ده.

بصله مصطفي بصدمة إنما هي ابتسمت و قالت.....
يتبع.........

 

لقراءة الفصل الثاني: اضغط هنا

 

 للكاتبة زينب محروس

 



Enregistrer un commentaire

Plus récente Plus ancienne